الاطار القانوني لرخصة التجزئة





فهرس المحتويات


مقدمــــــــــــــــــــة

إن معيار تطور دولة ما أو تخلفها الحضاري هو العمران، حيث تسهر جميع الدول بوضع مقاييس وقواعد تستجيب لها البنايات، لغرض إظهارها بمظهر ونسق جمالي، فكلما كانت الدول متطورة كان مستوى العمران فيها راقيا، والعكس في حالة الدولة المتخلفة، فتخلفها ينعكس سلبا وفوضى على بناءاتها ومجالها العمراني.
والجزائر كغيرها من الدول لا تخرج عن هذا الإطار، فمنذ الاستقلال أصدرت عدة نصوص قانونية وتنظيمية، مؤطرة للبناء والعمران.
ونورد فيما يلي لمحة سريعة للتطور التاريخي للنصوص المتعلقة بموضوع بحثنا (الإطار القانوني لرخصة التجزئة) في الجزائر وذلك منذ الاستقلال إلى الوقت الراهن، حيث:
-         صدر الأمر 62/157 المؤرخ في 31/12/1962 الذي ينص على مواصلة العمل بالقوانين الفرنسية السائدة باستثناء ما يتعارض مع السيادة الوطنية أو يشمل قواعد التمييز العنصري، حيث بناء عليه تم الاستمرار في العمل بالمرسوم الفرنسي الصادر في 31 ديسمبر 1958.
-         ثم صدر الأمر 75-67 المؤرخ في 26 سبتمبر 1975 المتعلق برخصة البناء ورخصة التجزئة (جريدة رسمية رقم 83 مؤرخة في 17 أكتوبر 1975) وهو أول نص تشريعي يصدر عن الدولة الجزائرية في هذا المجال.
-         ثم تلاه القانون رقم 82-02 المؤرخ في 06 فبراير 1982 المتعلق برخصة البناء ورخصة تجزئة الأراضي للبناء (جريدة رسمية رقم 6 مؤرخة في 09 فبراير 1982).
-          وبعدها صدر القانون رقم 90-29 المؤرخ في 01 ديسمبر 1990 المتعلق بالتهيئة والتعمير (جريدة رسمية رقم 52 مؤرخة في 02 ديسمبر 1990)، المعدل والمتمم،
وقد صدر-إثر ذلك -تطبيقا لبعض أحكامه المرسوم التنفيذي رقم 91-176 المؤرخ في 28 ماي 1991 الذي يحدد كيفيات تحضير شهادة التعمير ورخصة التجزئة وشهادة التقسيم ورخصة البناء وشهادة المطابقة ورخصة الهدم وتسليم ذلك، والذي ألغي مؤخرا بالمرسوم التنفيذي رقم 15-19 المؤرخ في 25 يناير 2015 المحدد لكيفيات تحضير عقود التعمير وتسليمها (جريدة الرسمية رقم 7 مؤرخة في 12 فبراير 2015).
لقد فرضت الدولة، من خلال هذه النصوص المتتابعة، جملة من القيود على تجزئة الأراضي، فأي تجزئة في المحيط العمراني يجب أن تخضع وتستجيب لمجموعة من المقاييس والقواعد التقنية المحددة مسبقا من قبل المشرع ومضبوطة بقواعد تنظيمية، بحيث تنشأ كل تجزئة بناء على ملفات ومخططات قانونية وتقنية ويمنح الترخيص بالتجزئة من جهات ادارية مختصة وذلك للمحافظة على العمران ومجالاته وتحسين الوجه الجمالي للمدن والتجمعات السكانية الحضرية، وكذا مكافحة البناء الفوضوي وما يصاحبه من أخطار.
الإشكالية: ما مفهوم رخصة تجزئة الاراضي وما هي اجراءات الحصول عليها في إطار القانون 90/29 المعدل والمتمم والنصوص التنظيمية له؟
للإجابة عن هذه الإشكالية وقصد الالمام بحيثيات ومتطلبات الموضوع سنتطرق للموضوع بالطريقة والمنهجية التالية: مقدمة، ومبحثين، الأول: مفهوم رخصة التجزئة وخصائصها، ويتكون من مطلبين الأول: تعريف رخصة التجزئة والمطلب الثاني: خصائصها، أما المبحث الثاني: إجراءات الحصول على رخصة التجزئة وتنفيذ الأشغال المتعلقة بها، ويتكون أيضا من مطلبين، المطلب الأول: إجراءات الحصول على رخصة التجزئة، والمطلب الثاني: آثار رخصة التجزئة ثم الخاتمة.

المبحث الأول: مفهوم رخصة التجزئة

رخصة التجزئة هي ثاني القرارات المتعلقة بعقود التعمير، ودورها لا يقل أهمية عن دور رخصة البناء في المحافظة على النسق والنسيج العمراني وكذا محاربة البناء الفوضوي.

المطلب الأول: تعريف رخصة التجزئة

جاء في مضمون المادة 57 من القانون 90-29 المؤرخ في 01/12/1990 المتعلق بالتهيئة والتعمير، المعدل والمتمم، وكذا المادة 07 من المرسوم التنفيذي 15-19.
" تشترط رخصــــة التجزئة بالنسبـــة لكل عملية تقسيم ملكية عقارية واحدة أو عدة ملكيات مهما كان موقعها إلى قطعتين أو عدة قطع إذا كان يجب استعمال احدى القطع الناتجة أو عدة قطع أرضية لتشييد بناية"،
يتضح من هذا النص أنه ليست كل عملية تقسيم تعتبر تجزئة بل هناك معايير تضبط العملية حتى تكون خاضعة للرخصة فلا بد من تقسيم ملكية عقارية واحدة تشكل وحدة عقارية أو عدة ملكيات مهما كان موقعها إلى قطعتين أو عدة قطع وتستعمل هذه القطع الناتجة لتشييد بناية.
كما أن القانون 08-15 المؤرخ في 20 يوليو 2008 المحدد لقواعد مطابقة البنايات وإتمام إنجازها، في المادة 02 فقرة 08 عرف التجزئة كما يلي:
" التجزئة هي: القسمة من أجل البيع أو الإيجار أو تقسيم ملكية عقارية إلى قطعتين أو عدة قطع مخصصة للبناء من أجل استعمال مطابق لأحكام مخطط التعمير".

المطلب الثاني: خصائص رخصة التجزئة

تصدر هذه الرخصة في شكل قرار إداري ومنه فإنه يعتريها ما يعتري القرار الإداري بوجه عام من النشر والتعديل والإلغاء، ويصدر عن جهات إدارية محددة قانونا بعدما تتحقق من مدى مطابقة مشروع التجزئة مع قواعد التعمير التنظيمي ومخالفة ذلك تؤدي إلى قابلية الرخصة للإلغاء. وهي وثيقة متعلقة بذات الأرض وليس طالبها.
وحتى نكون بصدد التجزئة لا بد من مراعاة المعايير التالية:
-         لا بد أن تكون الملكية العقارية المراد تجزئتها تشكل وحدة عقارية ilot de propriété محددة إما بطرق عامة أو ملكيات للغير ويستوي أن تكون ملكية عقارية واحدة أو عدة ملكيات ويشترط في هذه الأخيرة أن تكون متلاصقة وتشكل وحدة واحدة.
-         تجزئة الأرض تكون من أجل إنشاء بناية وليس لغرض آخر.
-         التجزئة تتعلق بقطعة أرض ولا يكون موضوعها عقار مبني حيث هذا الأخير عند قسمته يخضع لقرار شهادة التقسيم.

 المبحث الثاني: إجراءات الحصول على رخصة التجزئة وآثارها

المطلب الأول: إجراءات الحصول على رخصة التجزئة

الفرع الأول: تقديم الطلب والوثائق المطلوبة

رخصة التجزئة هي لازمة في كل تقسيم لملكية عقارية أو عدة ملكيات مهما كان موقعها إذا كان يجب استعمال احدى القطع الناتجة أو عدة قطع أرضية لتشييد بناية، وعليه فيمكن الترخيص لأي مالك لقطعة أرض أو أكثر يريد تقسيمها إلى أجزاء بغرض إقامة بنايات عليها.
ومع هذا فإن المشرع، وحماية للمصلحة العامة العمرانية، فرض عدم منح رخصة التجزئة إذا لم تكن الأرض المجزئة موافقة لمخطط شغل الاراضي المصادق عليه أو تجاوزت مرحلة التحقيق العمومي، أو مطابقة لوثيقة التعمير التي تحل محل ذلك.
الطالب: هو صاحب الملكية أو موكله.
يجب أن يتقدم صاحب الملكية أو موكله بطلب رخصة التجزئة وفقا للنموذج التنظيمي ويوقع عليه.
كما يجب عليه أن يدعم طلبه إما:
-          بنسخة من عقد الملكية،
-          أو بتوكيل طبقا لأحكام الأمر رقم 75-58 المؤرخ في 26 سبتمبر 1975.
-          أو بنسخة من القانون الأساسي إذا كان المالك أو الموكل شخصا معنويا.

الوثائق المطلوبة:
يرفق طلب رخصة التجزئة بملف يشتمل على الوثائق التالية:
1.     تصميم للموقع، يعد على سلم مناسب يسمح بتحديد موقع القطعة الأرضية.
2.     التصاميم الترشيدية المعدة على سلم 1/200 أو 1/500، التي تشمل على البيانات الآتية:
-          حدود القطعة الأرضية و مساحتها.
-          منحنيات المستوى و سطح التسوية مع خصائصها التقنية الرئيسية و نقاط وصل شبكة الطرق المختلفة،
-          تحديد القطع الأرضية المبرمجة مع رسم شبكة الطرق و قنوات التموين بالمياه الصالحة للشرب و الحريق و صرف المياه المستعملة و كذا شبكات توزيع الغاز و الكهرباء و الهاتف و الإنارة العمومية،
-          تحديد موقع مساحات توقف السيارات و المساحات الحرة و مساحات الارتفاقات الخاصة،
-          موقع البنايات المبرمجة و طبيعتها و شكلها العمراني، بما في ذلك البنايات الخاصة بالتجهيزات الجماعية.
3.     مذكرة توضح التدابير المتعلقة بما يأتي:
-          طرق المعالجة المخصصة لتقنية المياه الراسبة الصناعية من جميع المواد السائلة أو الصلبة أو الغازية المضرة بالصحة العمومية و الزراعية و البيئة،
-          المعالجة المخصصة لتصفية الدخان و انتشار الغازات من جميع المواد الضارة بالصحة العمومية،
-           تحديد مستوى الضجيج و انبعاث الطفيليات الكهرومغناطيسية، بالنسبة للأراضي المجزأة المخصصة للاستعمال الصناعي.
4. مذكرة تشتمل على البيانات التالية:
-          قائمة القطع الأرضية المجزأة و مساحة كل قطعة منها،
-          نوع مختلف أشكال شغل الأرض مع توضيح عدد المساكن و مناصب الشغل و العدد الإجمالي للسكان المقيمين،
-          الاحتياجات في مجال الماء و الغاز و الكهرباء و النقل و كيفيات تلبيتها،
-          طبيعة الارتفاقات و الأضرار المحتملة،
-          دراسة التأثير في البيئة، عند الاقتضاء،
-          دراسة جيوتقنية، يعدها مخبر معتمد.
5.     برنامج الأشغال الذي يوضح الخصائص التقية للمشاريع والشبكات والتهيئة المقرر إنجازها وشروط تنفيذها مع تقدير تكاليفها وتوضيح مراحل الإنجاز وآجال ذلك، عند الاقتضاء.
6. دفتر شروط يحدد الالتزامات والإرتفاقات الوظيفية وذات المنفعة العامة المفروضة على الأراضي المجزأة، وكذا الشروط التي تنجز بموجبها البنايات.
يحدد دفتر الشروط، زيادة على ذلك، حفظ الملكيات والمغارس والمساحات الخضراء والأسيجة.
يمكن لطالب رخصة التجزئة أن يحدد إنجاز أشغال التهيئة الخاصة بكل جزء على حدة.
ويتم إعداد الملف البياني والتقني من طرف مكتب دراسات في الهندسة المعمارية أو التعمير، ويؤشر على الوثائق المذكورة أعلاه المهندس المعماري ومهندس مسح الأراضي اللذان يمارسان نشاطاتهما حسب الأحكام القانونية المعمول بها.
مكان الإيداع:
يرسل طلب رخصة التجزئة والوثائق المرفقة به، في جميع الحالات، في خمس (5) نسخ إلى رئيس المجلس الشعبي البلدي، ويودع مقابل وصل تسليم عند الشباك الوحيد (المصالح التقنية للبلدية).
طرق الطعن:
يمكن لصاحب طلب رخصة التجزئة الذي لم يرضه الرد الذي تم تبليغه به، أو في حالة سكوت السلطة المختصة في الآجال المطلوبة، أن يودع طعنا مقابل وصل إيداع لدى الولاية ثم طعنا ثانيا لدى وزارة السكن. كما بإمكانه اللجوء إلى العدالة بعد إجراء التظلم الإداري.

الفرع الثاني: الجهات المختصة لمنح رخصة التجزئة وآجال تسليمها

1.     اختصاص الوالي لمنح رخصة التجزئة:
تمنح رخصة التجزئة من طرف الوالي حسب المادة 15 من المرسوم التنفيذي 15-19:
• بالنسبة للمشاريع ذات الأهمية المحلية،
(كانت في المرسوم التنفيذي 91/176 الملغى: المشاريع الواقعة في المناطق الخاصة).
• بالنسبة للمشاريع الواقعة في مناطق غير مغطاة بمخطط شغل أراض مصادق عليه.
2.     اختصاص الوزير المكلف بالعمران لمنح رخصة التجزئة:
تمنح رخصة التجزئة من طرف الوزير المكلف بالعمران حسب ما تضمنته المادة 15 من نفس المرسوم التنفيذي:
• بالنسبة للمشاريع ذات الأهمية الوطنية. (كانت في المرسوم التنفيذي 91/176 الملغى: المشاريع التي تكتسي أهمية وطنية أو جهوية)
3.     اختصاص رئيس المجلس الشعبي البلدي لمنح رخصة التجزئة:
• يمنح رئيس المجلس الشعبي البلدي رخصة التجزئة بالنسبة لبقية المشاريع (طبقا للمادة 15 من المرسوم التنفيذي 15-19).
ثانيا: آجال التسليم
-         شهرين(02) من تاريخ إيداع الطلب عندما يكون التسليم من اختصاص رئيس المجلس الشعبي البلدي باعتباره ممثلا للبلدية أو الدولة.
-         ثلاثة (03) أشهر عندما يكون التسليم من اختصاص الوزير المكلف بالعمران أو الوالي.

المطلب الثاني: آثار رخصة التجزئة

لابد لرخصة التجزئة أن تستجيب لما يأتي من آثار وإلا لم يكن لها أي مفعول:
أولا: إشهار قرار رخصة التجزئة بالمحافظة العقارية المختصة من طرف السلطة المصدرة لها (المادة 15 من المرسوم التنفيذي 15-19).
ثانيا: تنفيذ الأشغال المتعلقة بالأرض المجزأة ومراقبتها
حيث تعد رخصة التجزئة ملغاة في الحالات التالية:
-         إذا لم تتم مباشرة الأشغال خلال أجل ثلاثة سنوات،
-         إذا لم تستكمل الأشغال خلال أجل (ثلاثة سنوات كحد أقصى).

خـــــــــــــــــــــــــــاتمة

لأجل ضمان واحترام قواعد قانون التهيئة و التعمير، سعى المشرع الجزائري إلى تنظيم عملية التعمير بعديد الآليات القانونية ومنها رخصة التجزئة، و رغم صرامة القانون فإن تطبيقه الميداني كان محدودا، حيث يتزايد يوميا و على مرأى من السلطات البلدية عدد المباني المخالفة للقانون دون أي تدخل ، و كل هذه القوانين و الآليات التي أوجدتها لم تنجح في تنظيم العمران الجزائري بصفة منظمة و تامة، و ذلك بسبب خصوصية المجتمع و العمران و خاصة و أن إعداد المخططات العمرانية يتم دون الاعتماد على الخصائص و المقومات المعمارية سواء المحلية منها أو الجهوية أو الوطنية، مما يجعل من الصعب تبنيها و تطبيقها على أرض الواقع.


المصادر:
النصوص القانونية والتنظيمية:
-         القانون 90-29 المؤرخ في 01/12/1990 المتعلق بالتهيئة والتعمير، المعدل والمتمم.
-         القانون 08-15 بتاريخ 20-07-2008 المحدد لقواعد مطابقة البنايات وإتمام إنجازها.

-         المرسوم التنفيذي رقم 15-19 الصادر في 4 ربيع الثاني 1436 الموافق لـ 25 يناير 2015 المحدد لكيفيات تحضير عقود التعمير وتسليمها.

تابعونا على

0 التعليقات :

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة - Copyright © 2014-2018 KORTOBA Promotion Immobilière
يتم التشغيل بواسطة Blogger.