أهداف الشهر العقاري
أهداف الشهر العقاري :
الهدف الأول - نقل الملكية العقارية والحقوق العينية العقارية الأخرى
من المقرر في القانون المدني الجزائري أن انتقال ملكية المنقول يتم بمجرد الانعقاد أي بمجرد تطابق الإيجاب والقبول واقترانهما ببعض ، وتوافر ركني السبب والمحل ، بالنسبة للعقود الناقلة للملكية ( بيع – هبة - ...) حيث أخضع نقل الملكية في المنقول إلى قاعدة الرضائية ( م 164 ق م ج) ،
بينما أضاف شرطا (أو بعبارة أصح ركنا) آخر هو الركن الشكلي بواسطته يتم انتقال حق الملكية في العقار والحقوق العينية العقارية الأخرى ، وهو خضوع التصرف أو الحق ، لإجراءات (وشكليات) الشهر العقاري ، كما تنص عليه المادة 793 (ق م ج ) ، أي أن من أهداف الشهر العقاري – وهي في الوقت نفسه أثر من آثاره – انتقال الملكية العقارية والحقوق العينية العقارية الأخرى .
يعتبر هذا العنصر من أهم العناصر والأهداف المسطرة في نظام الشهر العقاري (وبالأخص النظام العيني) ، حيث قام هذا النظام بترسيخها - أي الثقة - والتأكيد عليها ، بوجه عام كعنصر هام ، في مجال التصرفات والمعاملات العقارية سواء كانت هذه المعاملات عملا تجاريا أم عملا مدنيا ، وطمأنة المتعامل وذلك في مجمل البيانات والمعلومات المتعلقة بالعقار المراد التعامل فيه ، ونجد ذلك واضحا وجليا من خلال تفحصنا لمواد الأمر 75- 74 المؤرخ في 05/07/1975 ، المُسِن للنظام الجديد للشهر العقاري في الجزائر وكذا النصوص التطبيقية له.
هذا الهدف – وهو أيضا نتيجة للهدف السابق – من أهم الغايات التي لا يمكن تحقيقها إلا بالشهر عقاري (النظام العيني على وجه الخصوص) وذلك بمعرفة كل المعلومات المتعلقة بعقار ما.
وإبراز الوضعية القانونية والمادية الآنية والفعلية أو حتى الوضعية التاريخية، سواء تعلق الأمر بتعيين ومعرفة هوية المالك الحالي أو المالك السابق ( أو الملاك السابقين ) ، أو تعلق الأمر بتعيين وتحديد هوية العقار ( الموقع ، الحدود ، المساحة ، ترقيمه الخاص ،...) أو ما يرد عليه من حقوق وارتفاقات ايجابية أو سلبية ،أعباء ، تكاليف ، شروط ....
وبصورة أشمل وأعم معرفة كل المعلومات المتعلقة بالعقار ماديا ( فعليا ) و قانونيا ، والإقدام للتعامل فيه عن بينة ووضوح لمن أراد ذلك ، بعد ما استقرت وضعيته القانونية والمادية .
الشهرالعقاري يرمي إلى استمرار وتسلسل انتقال الحقوق العقارية من السلف إلى الخلف أو من المالك أو صاحب الحق السابق إلى اللاحق ، وبشكل منتظم ومتتابع وذلك نتيجة للشهر المسبق وضمانة من ضماناته ، وهو بذلك يمنع نشوء معاملات مزدوجة أو تصرفات مقارنة أوموازية من شأنها أن تنشئ التباسا وتشابكا في انتقال الحقوق بين الأشخاص ، حيث أنه يحمي المتصرف أو صاحب الحق الأخير وذلك بانقضاء حق المتصرف السابق على العقار المعني، بحيث لا يمكن أن يتنازل عنه أو يتصرف فيه مرة أخرى وذلك ابتداء من تاريخ شهره.
المبدأ العام في تملك المنقول أن الحيازة هي سند الملكية، حيث أن المنقول في الغالب مصاحب دائما لمالكه ، على خلاف العقار الذي لا توجد به هذه الميزة ( لكونه ثابتا ) ، وبالتالي فإن مالك العقار قد لا يكون حائزا له (حالة السفر ، الانتقال ، الغياب الطويل ) وهو مما يؤدي إلى الاستيلاء عليه من طرف الغير ، والإدعاء بأنه ملك له وذلك كله عند غياب الشهر العقاري.
لكن بوجود الشهر العقاري فإنه يقوم بحفظه (أي حفظ العقار و ما يرد عليه من حقوق) وضمانه وحمايته ، وذلك بإنشاء السجل العقاري المتكوَّن من البطاقات العقارية والدفتر العقاري ، هذا الأخير الذي يعتبر سند الملكية الوحيد ، اذ تُدَون فيه – وكذلك تُدَون في البطاقة العقارية التي هي مطابقة له - جميع البيانات والمعلومات المتعلقة بالعقار (وهي عناصر هويته الخاصة - كوحدة عقارية مستقلة - والتي ينفرد بها مجتمعة دون سواه من العقارات ، والمتمثلة في اسم البلدية واسم الشارع أو الحي أو المكان المذكور والترقيم الخاص : رقم القسم ، رقم مجموعة الملكية ، اذا كان العقار فرديا ، وإضافة رقم القطعة أو الحصة ، اذا كان العقار يخضع للملكية المشتركة) وتُدَون أيضًا هوية المالك كاملة أو الملاك في حالة الشيوع، وهذا الدفتر لا يكون إلا في حيازة مالك العقار أو من يوكله هذا المالك أو الملاك في حالة التعدد ، لحيازته.
لذلك لا تثور في هذه الحالة النزاعات والتشكيك بشأن العقار ومالكه ، لأنه يصبح معلوما بالضرورة ومعلنا للجميع، سواء في البطاقة العقارية على مستوى السجل العقاري بالمحافظة العقارية أو لدى مالكه بحيازة وحجية هذا الدفتر العقاري الذي هو سند الملكية في العقار.
كذلك بوضع العلامات والإحداثيات الجغرافية والمراجع المسحية في المكان حيث تواجد العقار في الميدان ، من طرف أعوان مسح الأراضي ، وكذا على المخطط أو الخريطة التي تشمل هذا العقار ، لتسهيل ربط المرجعية والصلة بين هذا العقار والدفتر العقاري والمخطط ، الخاصين به.
وبناء على هذا ، فإن دعوى ملكية العقار من طرف الغير هنا تنعدم ولن يكون لها أي أثر أو صدى ، و يترتب بالتالي انعدام أو - على أقل تقدير- انحصار و قلة النزاعات بشكل كبير في هذا الشأن.
مختار بلبال
يتبع.....
تابعونا على