أنظمة الشهر العقاري




عرَفَ التشريع العقاري في العالم، في مجال الشهر العقاري، نوعين اثنين من الأنظمة:
أولا: نظام يعتمد أسماء وهوية أصحاب الحقوق العقارية أساسا للشهر العقاري، ويعرف بنظام الشهر الشخصي.
ثانيا: نظام يعتمد "عين" العقار كوحدة مستقلة أساسا لهذا الشهر حيث يأخذ بالنظرة "العينية" التي تنظر إلى "عين" العقار مستقلا عن "شخص" مالكه، ويسمى هذا النظام بالشهر العيني.
وفي الصفحات الموالية شرح وتوضيح بإيجاز شديد لهذين النظامين وتبيان للأسس والقواعد التي يقوم عليها كل نظام مع ذكر مزايا وعيوب كليهما.
ونخصص لهما الفرعين التاليين:
الأول: نظام الشهر الشخصي (الفكرة العامة، المزايا، العيوب).
الثاني: نظام الشهر العيني (النظرية العامة، المزايا، العيوب).
يقوم هذا النظام على أساس واعتبار أن كل التصرفات الواردة على العقارات والحقوق العينية العقارية الأخرى، يتم شهرها بالاعتماد على صاحب الحق ذاته وليس على العقار أو الحق ([1])، وذلك بتعيين الذمة العقارية للشخص سواء كانت سلبية أو إيجابية.
ويكون ذلك بتحديد كل العناصر المتعلقة بهوية الشخص وأهليته – على حسب كل تشريع من التشريعات العالمية – كاللقب، الاسم، اسم الأب، تاريخ ومكان الميلاد، عنوان مقر السكن أو الإقامة، المهنة، اسم الزوج أو الزوجة ...إلخ. ويتم تدوينها في سجلات وفهارس خاصة أو صحيفة، أو بطاقات شخصية ([2]).
وفي ظل هذا النظام يتم الشهر طبقا لاسم الشخص المالك أو صاحب الحق وليس طبقا لموقع العقار ومن هنا جاءت تسميته بالنظام الشخصي ([3]). ولا يكون تعيين وتحديد العقار ذا أهمية مقارنة بالشخص ذاته حيث يتم تعيين العناصر الأساسية فقط ([4]) كتحديد المساحة، الموقع، الحدود، ولا يمكن معرفته -أي العقار-مستقلا عن الأشخاص، فهو لا يعرف بموقعه ورقمه وإنما يعرف باسم مالكه.
مثال: لو أراد شخص ما البحث عن معلومات عن عقار ما (له عنوان ومساحة وحدود) من مصلحة الشهر العقاري (المحافظة العقارية) فإنه لا يمكن أن يلبى طلبه إذا كان العقار يخضع للنظام الشخصي، ولكن يمكنه الحصول على الذمة العقارية للشخص المالك إذا قدم معلومات عن هوية مالكه (تقديم شهادة ميلاد المالك مثلا).
ويمتاز نظام الشهر الشخصي بكونه إجراء يضاف إلى الشكلية في التصرفات الواردة على العقارات والحقوق العينية الأخرى، مع ما يوفره من علنية وطمأنينة نسبية في حماية وحفظ الحقوق العقارية.
كما يعتبر الشهر في هذا النظام لمجرد العلانية وليس سببا لنشوء الحقوق العينية وانتقالها حيث انتقال الحق يتم من تاريخ الانعقاد ([5]).
ولنظام الشهر الشخصي عدة عيوب منها:
-  عدم وجود الدقة والضبط والتحري في البيانات مما ينتج عنه ضياع الحق وعدم توفر الحماية الكافية، كأن يشهر التصرف في ملكية عقار ما أو حق عقاري لأكثر من شخص وهو ما يعرف " بالشهر المزدوج" ونشوء حقوق موازية ومزاحمة وذلك نتيجة لتشابه الأسماء وكذا الاختلاف في كتابة الاسم الواحد بأكثر من طريقة باللغة الأجنبية، (مثلا اللقب: محمدي يكتب بالفرنسية Mohamedi , Mohammedi , M'hamedi) وهو ما يؤدي إلى نشوء أكثر من حساب للشخص الواحد وتشتت تصرفاته القانونية في أكثر من سجل وفهرس.
-  عدم حصر ومعرفة العقارات بحيث العقارات في ظل هذا النظام غير محددة وغير معروفة الهوية على الإطلاق مما يجعل أمر معاينتها ومطابقتها مع سند الملكية من طرف الخلف الخاص (مثلا المشتري) أمر غير متيقن وتشوبه الشكوك.
-  التصرف الخاضع للشهر في هذا النظام يشهر كما هو، فإذا كان صحيحا بقي صحيحا وإن كان باطلا أو قابل للإبطال بقي التصرف على حاله، إذ الشهر في هذا النظام ليس من شأنه أن يطهر عيوب العقد ([6]).
ونظام الشهر الشخصي متبع في معظم البلاد اللاتينية كفرنسا وبلجيكا وإيطاليا وبعض الدول العربية كمصر ([7]) والكويت ([8]).

إعداد: مختاربلبال



([1]) حسين عبد اللطيف حمدان، مرجع سابق، ص.12.
([2])  تم اعتماد طريقة البطاقات الشخصية والتخلي عن طريقة السجلات والفهارس في التشريع الفرنسي بعد عملية اصلاح الشهر العقاري ابتداء من تاريخ 01 مارس 1961، تطبيقا للمواد من 01 إلى 08 من المرسوم المؤرخ في 16 يناير 1961، وقد عملت بها أي طريقة البطاقة الشخصية الجزائر بعد الاستقلال إلى غاية صدور قانون الشهر العقاري وهو الأمر 75-74 المؤرخ في 12 نوفمبر 1975 والمرسوم 76-62 المؤرخ في 25 مارس 1976 المتعـلق بإعداد مسح الأراضي العـام، المعدل والمتمم، وكذا المرسوم 76-63 المؤرخ في 25 مارس 1976 المتعـلق بتأسيس السجل العقاري، المعدل والمتمم، حيث اعتمدت بطاقات عقارية أخرى توافق النظام العيني، غير أنه استثناء مددت العمل بالبطاقات الشخصية فيما يخص المناطق الريفية والمناطق الحضرية التي يقل عدد سكانها عن 2000 نسمة إلى حين خضوعها لعمليتي مسح الأراضي العام والترقيم العقاري (المادة 21 والمادة 113 من المرسوم 76-63).
([3])  حسين عبد اللطيف حمدان، مرجع سابق، ص.12.
([4]) حددت الفقرة الأولى من المادة 06 من المرسوم المؤرخ في 21 أكتوبر1959 في التشريع الفرنسي الذي يأخذ بالنظام الشخصي للشهر العقاري، عناصر تعيين العقارات كما يلي : -طبيعة العقار، -بلدية موقعه، -مساحته، -مراجع مخطط المسح أو إذا وجدت أرقام مخطط مصلحة الطبوغرافية والتنظيم العقاري أو في غيابهما، ذكر أسماء الملاك المجاورين.
وهذا المرسوم لم يميز في تحديده لعناصر تعيين العقارات بين العقارات الريفية والحضرية، غير انه يبقى ذكر، بالنسبة للمدن وخاصة التكتلات الكبرى حيث توجد الطرقات العامة والخاصة، اسم الشوارع وأرقام العقارات، كما أن هذه الأخيرة لا تترك للأطراف ولكن تكون موضوعة من طرف المصالح المحلية بموجب تنظيم أو مراقبة أو بيان رسمي، وبالنسبة للعقارات الجماعية (رقم العمارة، الدرج، رقم الشقة ...إلخ (.
ينظر:
Instructions pour l'application de la réforme de la publicité foncière en Algérie, p71-72, n.p, n.d.
([5])  حسين عبد اللطيف حمدان، مرجع سابق، ص.13.
([6])   عبد الرزاق السنهوري، مرجع سابق، ص436، وحسين عبد اللطيف حمدان، مرجع سابق، ص.13.
([7])  لازالت مصر تعمل بالنظام الشخصي، رغم صدور القانون رقم 142 لسنة 1964 المتعلق بنظام السجل العيني، في 10 ذي القعدة سنة 1383 هـ، الموافق 24 مارس سنة 1964م، حيث تقول المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون تنظيم الشهر العقاري: " غير مستطاع إدخال نظام السجلات العينية وتطبيقه إلا على سبيل التدرج" حيث أن تطبيق هذا النظام " لن يكون إلا على سبيل التدرج لتفتت الأراضي وانتشار الملكيات الصغيرة في أرجاء مصر منذ أمد بعيد". عبد الرزاق السنهوري، مرجع سابق، ص.474.
)[8]) حسين عبد اللطيف حمدان، مرجع سابق، ص.14.
تابعونا على

0 التعليقات :

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة - Copyright © 2014-2018 KORTOBA Promotion Immobilière
يتم التشغيل بواسطة Blogger.