مسح الأراضي العام




نظام الشهر العيني يقوم على دعامتين أساسيتين، هما: المسح العقاري والسجل العقاري وسنخصص لهما البندين التاليين:
البند الأول: مسح الأراضي العام
إن عمليات الترقيم العقاري الرامية إلى إشهار حق الملكية والحقوق العينية العقارية الأخرى كإجراء أول لتأسيس السجل العقاري، يجب أن تسبقها عملية رئيسية، جد هامة وتعد الركيزة الأساسية والعمود الفقري ([1])، والتي لا يقوم النظام العيني للشهر إلا بوجودها وهي "عملية مسح فني دقيق للعقارات تبين مواقعها وقوامها، وحدودها، ونوعها، وأسماء مالكيها، وأسباب التملك، والحقوق العينية المترتبة للعقار أو عليه، على نحو نهائي وثابت، على أن تعطى لكل عقار رقم يعرف به"([2])،
ونجد بعض التشريعات تطلق على هذه العملية، تسميات مختلفة منها: مسح الأراضي العام (المشرع الجزائري([3]))، أعمال التحديد والتحرير (المشرع اللبناني([4]))، التحرير التمهيدي (المشرع العراقي([5]))، تحقيق الملكية (المشرع الليبي([6]))، وكل هذه التسميات تهدف إلى مفهوم وغرض واحد ([7]).
فالمادّة 2 من الأمر 75-74 أفادت " ان مسح الاراضي العام يحدد ويعرف النطاق الطبيعي للعقارات ويكون أساسا ماديا للسجل العقاري" كما أشارت المادّة 4 منه إلى أنه: "يتم على مجموع التراب الوطني، تحديد الملكيات قصد اعداد مخطط منظم وتأسيس مسح للأراضي".
وبموجب المرسوم التنفيذي 89-234 المؤرخ في 19 ديسمبر1989([8])، المعدل والمتمم ([9])، تم إنشاء وكالة وطنية لمسح الأراضي، وهي مؤسسة عمومية ذات طابع إداري وتتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، تحت وصاية وزارة الاقتصاد (وزارة المالية حاليا).
وهي مكلفة بإنجاز العملية التقنية الرامية إلى إعداد مسح الأراضي العام في جميع أنحاء التراب الوطني.
وتتلخص مهامها حسب المادة 5 من المرسوم التنفيذي، سالف الذكر، بما يلي في إطار إعداد مسح الأراضي العام:
- تنفيذ أعمال التحقيق العقاري الخاصة برسم الحدود والطبوغرافيا بأساليب أرضية.
- ترقيم العقارات الممسوحة في السجل العقاري.
- تحضير العقود والملفات المتعلقة بأشغال لجان مسح الأراضي ورسم الحدود المنصوص عليها في إطار التنظيم الذي يخضع له إجراء إعداد مسح الأراضي العام وتتولى الكتابة لها.
 - القيام بتحرير مخططات مسح الأراضي العام والوثائق الملحقة بها وضبطها باستمرار.
- إنشاء البطاقات العقارية التي تسمح بتكوين السجل العقاري.
- تطبيق عمليات تطابق مسح الأراضي مع السجل العقاري الذي تمسكه إدارات الحفظ العقاري.
- تنظيم الأرشيف والاستشارة ونشر الوثائق المتعلقة بمسح الأراضي بوسائل الإعلام الآلي.
- مراقبة الأشغال المنجزة من طرف المسَا ح ين ومكاتب الدراسات الطبوغرافية التابعة للخواص لفائدة الإدارات العمومية.
هذه المهام كانت من اختصاص إدارة أملاك الدولة والأملاك العقارية، وتم تحويلها بموجب نص المادة 30 من المرسوم 89-234 إلى الوكالة الوطنية لمسح الأراضي، وترتب على هذا التحويل:
- حلول الوكالة محل مفتشيات أقسام مسح الأراضي التابعة للولاية والأقسام التقنية لمسح الأراضي التابعة للإدارة المركزية في وزارة الاقتصاد (المالية) ، وانتهاء الصلاحيات التي تمارسها إدارة شؤون أملاك الدولة والأملاك العقارية في هذه المهام، وهو ما نصت عليه المادة 31 من المرسوم ذاته.
وبالتالي فهدف مسح الأراضي الأساسي هو:
- خلق سجل موحد لمسح الاراضي على كامل التراب الوطني.
- حفظ سجل مسح الاراضي الذي يضمن تفعيلا منظما لوثائق مسح الاراضي (مخططات ووثائق).
وعليه فعملية مسح الأراضي تنحصر -اجمالا-في العنصرين التاليين:
- تحديد وحساب المساحات (النطاق التقني والمادي).
-تحديد الملكيات العقارية والحقوق العينية العقارية وتعيين أصحابها (النطاق القانوني).
ويتم تجسيد هذين العنصرين في رصيد وثائقي يتكون من ثلاثة أنواع من الوثائق هي([10]):
  جدول الأقسام و سجل لقطع الأرض (Tableau de sections): التي ترتب عليها العقارات حسب الترتيب الطبوغرافي وتشكل مفتاح شرح المخطط والتي يمكن اعتبارها وثائق تشخيص و"انتساب" لمجموعات الملكية.
 دفتر مسح الأراضي (La matrice cadastrale): الذي تسجل فيه العقارات المتجمعة من قبل كل مالك أو مستغل، حسب الترتيب الأبجدي لهؤلاء الاخيرين، و يضم في ورقة واحدة أو عدة أوراق متحركة، وفي حساب واحد مختلف الوحدات العقارية التي يحوزها كل مالك على أرض بلدية من البلديات.
ويمكن القول إن دفتر المساحات يضع رابطا بين المالك (الحساب) والممتلكات (مجموعات الملكية) التي يملكها في البلدية. كما يُبـين ما يلي:
 - معلومات عن المالك
- معلومات ذات طابع قانوني عن مجموعات الملكية،
- معلومات ذات طابع تقني حول القطع الأرضية.
  مخطط مسح الأراضي: (Plan cadastral)
 الذي يقدم الرسم البياني لإقليم وتراب البلدية بكل تفاصيله، من تجزئته إلى أقسام وأماكن معلومة ومجموعات ملكية وقطع أرضية؛ (المادّة 6 من الأمر 75-74).
مجموعة الملكية أو القطعة الارضية هي وحدة عقارية طبيعية وقانونية، ومن خلال تخصيصها وأصلها ان الاعباء أو الارتفاقات المترتبة عليها، تكون موضوع اشهار في السجل العقاري تحت رقم مساحي خاص.
إن مسح الاراضي العام يحدد ويعرف النطاق الطبيعي للعقارات ويكون أساسا ماديا للسجل العقاري ويعتبر ركيزة ودعامة أساسية يقوم على أساسها نظام الشهر العيني (أي السجل العقاري) ([11]).
إعداد: مختار بلبال




(([1]  بوزيتون عبد الغني، المسح العقاري في تثبيت الملكية العقارية في التشريع الجزائري، مذكرة لنيل درجة الماجستير في الحقوق-قسم القانون الخاص-فرع القانون العقاري، جامعة قسنطينة (كلية الحقوق)، 2009-2010، ص.01.
([2]حسين عبد اللطيف حمدان، مرجع سابق، ص.39.
([3]) الأمر 75-74 (المشار إليه سابقا).
([4]) حسين عبد اللطيف حمدان، مرجع سابق، ص.ص.37-181، وأسعد دياب وطارق زياده، أبحاث في التحديد والتحرير والسجل العقاري، ط2، المؤسسة الحديثة للكتاب، طرابلس-لبنان، 1994، ص.ص.29-140.
([5]) المادة 35 وما يليها من قانون التسجيل العقاري العراقي رقم 43 لسنة 1971.
([6])  المادة 4 وما يليها من القانون رقم (12) لسنة 1988 م بشأن مصلحة التسجيل العقاري الاشتراكي والتوثيق الليبي بتاريخ: 18/ربيع الأول/1398 و.ر الموافق: 29/التمور/1988م.
(([7] بوزيتون عبد الغني، المرجع والموضع نفسه.
([8]) منشور بالجريدة الرسمية الجزائرية، عدد 54، المؤرخة في 20 ديسمبر 1989.
(([9] بالمرسوم التنفيذي 92-63 المؤرخ في 12 فبراير 1992، المنشور بالجريدة الرسمية الجزائرية، عدد 13، المؤرخة في 19 فبراير 1992.
([10])  كتيب تقنيات حفظ مسح الأراضي، اعداد وحدة التكوين المركزية بالمديرية العامة للأملاك الوطنية (وزارة المالية-الجزائر)، ابريل 2007، ص.ص.6-7.
( ([11] تبعا للحصيلة التي وضعتها الوكالة الوطنية لمسح الأراضي في نهاية الثلاثي الأول لسنة 2013(آخر إحصاء منشور)، فإن المساحة التي شملها مسح الأراضي تُغطي 226.7 مليون هكتار لكل أنواع العقارات (أي ما يعادل نسبة 97% من مساحة الإقليم الوطني: وتشمل مساحة 176268 هكتار من العقارات الحضرية التي تمثل نسبة39%  من اجمالي العقارات الحضرية، ومساحة 12672568 هكتار من العقارات الريفية التي تمثل نسبة 75% من اجمالي العقارات الريفية ومساحة 213885465 هكتار من العقارات السهبية والصحراوية التي تمثل نسبة 100% من اجمالي العقارات السهبية والصحراوية)، (نقلا عن الموقع الرسمي للوكالة الوطنية لمسح الأراضي http://www.an-cadastre.dz/ ، يوم 07/04/2017 على الساعة التاسعة مساءا).
تابعونا على

0 التعليقات :

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة - Copyright © 2014-2018 KORTOBA Promotion Immobilière
يتم التشغيل بواسطة Blogger.